الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء **
بن ثابت بن قرة كان طبيباً فاضلاً يلحق بأبيه في صناعة الطب وقال في التاريخ الذي عمله - وهذا التاريخ ذكر فيه الوقائع والحوادث التي جرت في زمانه وذلك من أيام المقتدر باللّه إلى أيام المطيع للّه - إنه كان وولده في خدمة الراضي باللّه وقال بعد ذلك أيضاً عن نفسه إنه خدم بصناعة الطب المتقي بن المقتدر باللّه وخدم أيضاً المستكفي باللّه والمطيع للّه قال وفي سنة ثلاث عشرة وثلثمائة قلدني الوزير الخاقاني البيمارستان الذي اتخذه ابن الفرات بدرب المفضل وقال أيضاً في تاريخه إنه لما سُلِّم أبو علي بن مقلة إلى الوزير عبد الرحمن بن عيسى من جهة الراضي باللّه في سنة أربع وعشرين وثلثمائة حمله إلى داره في يوم الخميس لثلاث ليالٍ خلون من جمادى الآخرة وضُرب أبو علي بن مقلة بالمقارع في دار الوزير عبد الرحمن وأخذ خطه بألف ألف دينار وكان الذي تولى ذلك منه بنان الكبير من الحجرية ثم سلم إلى أبي العباس الحصيني ووكل به ما كردوبنان الكبير ورد الحصيني مناظرته إلى أبي القاسم عبيد اللّه بن عبد اللّه الإسكافي المعروف بأبي نعرة ومطالبته إلى الدستواني فجرت عليه منه من المكاره والتعليق والضرب والدهق أمر عظيم والذي شاهدت أنا من أمره أن أبا العباس الحصيني كلفني يوماً الدخول إليه لمعرفة خبره من شيء تشكاه وقال إن كان يحتاج إلى الفصد فتقدم إلى من يفصده بحضرتك فدخلت إليه فوجدته مطروحاً على حصير خَلِق على بارية ومخدة وسخة خليعة تحت رأسه وهو عريان بسراويل فوجدت بدنه من رأسه إلى أطراف أصابع رجليه كلون الباذنجان سواء ليس منه عقد سليم ووجدت به ضيق نفس شديد لأن الدستواني كان قد دهق صدره فعرفت الحصيني أنه شديد الحاجة إلى الفصد فقال لي يحتاج إلى أن يلحقه كد في المطالبة فكيف نعمل به قلت لا أدري إلا أنه إن ترك ولم يفصد مات وإن فصد ولحقه مكروه بعده تلف فقال لأبي القاسم بن أبي نعرة الإسكافي ادخل إليه وقل له إن كنت تظن أنه يلحقك ترفيه إذا افتصدت فبئس ما تظن فافتصد وضع في نفسك أن المطالبة لا بد منها ثم قال لي أحب أن تدخل إليه معه فاستعفيته من ذلك فلم يعفني فدخلت معه وأدى الرسالة بحضرتي فقال إذا كان الأمر على هذا فلست أريد أن أفتصد وأنا بين يدي اللّه فعدنا إليه وعرفناه ما قال فقال لي أي شيء عندك وما الذي ترى قلت الذي أرى أن يفصد وأن يرفه فقال افعل فعدت إليه وفصد بحضرتي ورفه يومه وخف ما به ويتوقع المكروه من غد وهو برعب طائر العقل فاتفق سبب للحصيني أحوجه إلى الاستتار في ذلك اليوم وبقي ابن مقلة مرفهاً ليس أحد يطالبه وكفي أمر عدوه من حيث لم يحتسب ورجعت نفسه إليه وحضر ابن فراية فضمن ما عليه وتسلمه وقد كان أدى قبل ذلك إلى الحصيني نيفاً وخمسين ألف دينار وأشهر عليه العدول بأنه قد باع جميع ضياعه وضياع أولاده وأسبابه من السلطان وقال في موضع آخر من كتابه هذا إنه لما قطعت يد ابن مقلة استدعاني الراضي باللّه في آخر النهار وأمرني بالدخول إليه وعلاجه فصرت إليه يوم قطع يده فوجدته محبوساً في القلاية التي في صحن الشجرة والباب مقفل عليه ففتح الخادم الباب عنه ودخلت إليه فوجدته جالساً على قاعدة من بعض أساطين القلاية ولونه كلون الرصاص الذي هو جالس عليه وقد ضعف جداً وهو في نهاية القلق من ضربان ساعده ورأيت له في القلاية قبة خيش نصبت له وعليها طاقان من الخيش وفيهما مصلى ومخاد طبري وحول المصلى أطباق كثيرة بفاكهة حسنة فلما رآني بكى وشكى حاله وما نزل به وما هو فيه من الضربان ووجدت ساعده قد ورم ورماً شديداً وعلى موضع القطع خرقة غليظة قردواني كحلية مشدودة بخيط قنبي فخاطبته بما يجب وسكنت منه وحللت الخيط ونحيت الخرقة فوجدت تحتها على موضع القطع سرجين الدواب فأمر بأن ينفض عنه فنفض وإذا رأس الساعد أسفل القطع مشدود بخيط قنب وقد غاص في ذراعه لشدة الورم وقد ابتدأ ساعده يسود وعرفته أن سبيل الخيط أن يحل وأن يجعل موضع السرجين كافور ويطلى ذراعه بالصندل وماء الورد والكافور. فقال يا سيدي افعل ما رأيت فقال الخادم الذي معي احتاج أن أستأذن مولانا في ذلك ودخل ليستأذن وخرج ومعه مخزنة كبيرة مملوءة كافوراً وقال قد أذن لك مولانا أن تعمل ما ترى وأمر بأن ترفق به وتوفر العناية عليه وتلزمه إلى أن يهب اللّه عافيته فحللت الخيط وفرغت المخزنة في موضع القطع وطليت ساعده فعاش واستراح وسكن الضربان وسألته هل اغتذى فقال وكيف ينساغ لي طعام فتقدمت بإحضار طعام فأحضر وامتنع من الأكل فرفقت به ولقمته بيدي فحصل له نحو عشرين درهماً خبزاً ومن لحم فروج نحو ذلك وحلف أنه لا يقدر أن يبلع شيئاً آخر وشرب ماء بارداً وعاشت روحه وانصرفت وقفل الباب عليه و بقي وحده. ثم أدخل عليه من غد خادم أسود يخدمه وحبس معه وترددت إليه أياماً كثيرة وعرض له في رجله اليسرى علة النقرس ففصدته وكان يتألم من يده اليمنى التي قطعت ومن رجله اليسرى ولا ينام الليل من شدة الألم ثم عوفي وكنت إذا دخلت إليه يبتدئ بالمسألة عن خبر ابنه أبي الحسين فإذا عرفته سلامته سكن غاية السكون ثم ناح على نفسه وبكى على يده وقال يد خدمت بها الخلافة ثلاث دفعات لثلاث خلفاء وكتبت بها القرآن دفعتين تقطع كما تقطع أيدي اللصوص وتذكر وأنت تقول لي أنت في آخر نكبة وأن الفرج قريب قلت بلى فقال قد ترى ما حل بي فقلت ما بقي بعد هذا شيء والآن ينبغي أن نتوقع الفرج فإنه قد عمل بك ما لا يعمل بنظير لك وهذا انتهاء المكروه ولا يكون بعد الانتهاء إلا الانحطاط فقال لا تفعل فإن المحنة تشبثت بي تشبثاً ينقلني من حال إلى حال إلى أن تؤديني إلى التلف كما تتشبث حمى الدق بالأعضاء فلا تفارق صاحبها حتى تؤديه إلى الموت ثم تمثل بهذا البيت إذا ما مات بعضك فابك بعضاً فبعض الشيء من بعض قريب فكان الأمر كما قال. ولما قرب بحكم من بغداد نُقل ابن مقلة من ذلك الموضع إلى موضع أغمض منه فلم يُوقف له على خبر وحُجبت عنه ثم قطع لسانه وبقي في الحبس مدة طويلة ثم لحقه ذرب ولم يكن له من يعالجة ولا من يخدمه حتى بلغني أنه كان يستسقي الماء لنفسه بيده يجتذب الحبل بيده اليسرى ويمسكه بفمه ولحقه شقاء عظيم إلى أن مات. وكان ثابت بن سنان المذكور خال هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابئ الكاتب البليغ ولثابت بن سنان بن ثابت بن قرة من الكتب كتاب التاريخ ذكر فيه الوقائع والحوادث التي جرت في زمانه وذلك في سنة خمس وتسعين ومائتين إلى حين وفاته ووجدته بخطه وقد أبان فيه عن فضل. وكانت وفاة ثابت بن سنان في شهور سنة ثلاث وستين وثلثمائة.
كان كاملاً في العلوم الحكمية فاضلاً في الصناعة الطبية متقدماً في زمانه حسن الكتابة وافر الذكاء مولده في سنة ست وتسعين ومائتين وكانت وفاته في يوم الأحد النصف من المحرم سنة خمس وثلاثين وثلثمائة ببغداد وكانت العلة التي مات فيها ورم في كبده.
كان طبيباً مشهوراً وافر العلم في صناعة الطب جيد الأعمال حسن المعاملة وكانت وفاته في ليلة الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من صفر سنة تسع وثلثمائة ببغداد.
هو أبو الحسن ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني كان طبيباً فاضلاً كثير الدراية وافر العلم بارعاً في الصناعة موفقاً في المعالجة مطلعاً على أسرار الطب وكان مع ذلك ضنيناً بما يحسن. نقلت من خط ابن بطلان في مقالته في علة نقل الأطباء المهرة تدبير أكثر الأمراض التي كانت تعالج قديماً بالأدوية الحارة إلى التدبير المبرد قال كان قد أسكت الوزير أبو طاهر بن بقية في داره الشاطئه على الجسر ببغداد وقد حضر الأمير معز الدولة بختيار والأطباء مجمعون على أنه قد مات فتقدم أبو الحسن الحراني وكنت أصحبه يومئذ فقال أيها الأمير إذا كان قد مات فلن يضره الفصاد فهل تأذن في فصده قال له افعل يا أبا الحسن ففصده فرشح منه دم يسير ثم لم يزل يقوى الرشح إلى أن صار الدم يجري فأفاق الوزير فلما خلوت به سألته عن الحال وكان ضنيناً بمايقول فقال إن من عادة الوزير أن يستفرغ في كل ربيع دماً كثيراً من عروق المعدة وفي هذا الفصل انقطع عنه فلما فصدته ثابت الطبيعة من خناقها. قال عبد الله بن جبرائيل لما دخل عضد الدولة رحمه اللّه إلى بغداد كان أول من لقيه من الأطباء أبو الحسن الحراني وكان شيخاً مسناً وسنان وكان أصغر من أبي الحسن وكانا عالمين فاضلين وكانا جميعاً يسعران المرضى ويمضيان إلى دار السلطان فحسن ثناؤه عليهما ولما دخلا إلى عضد الدولة قال من هؤلاء قالوا الأطباء قال نحن في عافية وما بنا حاجة إليهم فانصرفا خجلين فلما خرجا من الدهليز قال سنان لأبي الحسن يجمل أن ندخل إلى هذا الأسد ونحن شيخا بغداد فيفترسنا قال له أبو الحسن فما الحيلة قال نرجع إليه وأنا أقول ما عندي وننظر أيش الجواب قال افعل فاستأذنا ودخلا فقال سنان أطال اللّه بقاء مولانا الملك موضوع صناعتنا حفظ الصحة لا مداواة المرضى والملك أحوج الناس إليه فقال له عضد الدولة صدقت وقرر لهما الجاري السني وصارا ينوبان مع أطبائه. قال عبيد اللّه بن جبرائيل ولهما أحاديث كثيرة حسنة منها حديث قلاّء الكبود وذلك أنه كان بباب الأزج إنسان يقلي الكبود فكانا إذا اجتازا عليه دعا لهما وشكرهما وقام لهما حتى ينصرفا عنه فلما كان في بعض الأيام اجتازا فلم يرياه فظنا أنه قد شغل عنهما ومن غد سألا عنه فقيل لهما إنه الآن قد مات فعجبا من ذلك وقال أحدهما للآخر له علينا حق يوجب علينا قصده ومشاهدته فمضيا جميعاً وشاهداه فلما نظرا إليه تشاورا في فصده وسألا أهله أن يؤخروه ساعة واحدة ليفكروا في أمره ففعلوا ذلك وأحضروا فصاداً ففصده فصدة واسعة فخرج منه دم غليظ وكان كلما خرج الدم خف عنه حتى تكلم وسقياه ما يصلح وانصرفا عنه ولما كان في اليوم الثالث خرج إلى دكانه فكان هذا من المعجز لهما فسئلا عن ذلك فقالا سببه أنه كان إذا قلى الكبود يأكل منها وبدنه ممتلئ دماً غليظاً وهو لا يحس حتى فاض من العروق إلى الأوعية وغمر الحرارة الغريزية وخنقها كما يخنق الزيت الكثير الفتيلة التي تكون في السراج فلما بدروه بالفصد نقص الدم وخف عن القوة الحملُ الثقيل وانتشرت الحرارة وعاد الجسم إلى الصحة وهذا الامتلاء قد يكون من البلغم أيضاً وقد ذكر أسبابه الفاضل جالينوس في كتابه في تحريم الدفن قبل أربع وعشرين ساعة قال عبيد اللّه بن جبرائيل ومن أحسن ما سمعت عن أبي الحسن الحراني أنه دخل إلى قرابة الشريف الجليل محمد بن عمر رحمه اللّه وكان إنساناً نبيل القدر قد عارضه ضيق نفس شديد صعب فأخذ نبضه وأشار بما يستعمله فشاوره في الفصد فقال له لا أراه وإن كان يخفف المرض تخفيفاً بيناً وانصرف وجاءه أبو موسى المعروف ببقة الطبيب وأبصر نبضه وقارورته وأشار بالفصد فقال له الشريف قد كان عندي أبو الحسن الحراني الساعة وشاورته في الفصد فذكر أنه لا يراه صواباً فقال بقة أبو الحسن أعرف وانصرف فجاءه بعض الأطباء الذين هم دون هذه الطبقة فقال يفصد سيدنا فإنه في الحال يسكن وقوى عزمه على الفصد ولم يبرح حتى فصده فعندما فصده خف عنه ما كان يجده خفاً بيناً ونام وسكن عنه واغتذى وهو في عافية فعاد إليه أبو الحسن الحراني آخر النهار فوجده ساكناً قاراً فقال له لما رآه في تلك الحال قد فصدت فقال كيف كنت أفعل ما لم تأمرني به قال ما هو هذا السكون إلا للفصد فقال له الشريف لما علمت بهذا لم لا تفصدني قال له أبو الحسن الحراني إذ قد فصد سيدنا فليبشر بحمى ربع سبعين دوراً ولو أن أبقراط وجالينوس عنده ما تخلص إلاَّ بعد انقضائها واستدعى دواة ودرجاً ورتب تدبيره لسبعين نوبة ودفعه إليه وقال هذا تدبيرك فإذا انقضى ذلك جئت إليك وانصرف فما مضى حتى جاءت الحمى وبقيت كما قال فما خالف تدبيره حتى برئ. قال عبيد اللّه بن جبرائيل ومن أخباره أنه كان للحاجب الكبير غلام وكان مشغوفاً به واتفق أن الحاجب صنع دعوة كبيرة كان فيها أجلاء الدولة ولما اشتغل بأمر الدعوة حم الغلام حمى حادة فورد على قلب الحاجب من ذلك مورداً عظيماً وقلق قلقاً كثيراً واستدعى أبا الحسن الحراني فقال له يا أبا الحسن أريد الغلام يخدمني في غداة غد تعمل كل ما تقدر عليه وأنا أكافئك بما يضاهي فعلك فقال له يا حاجب إن تركت الغلام يستوفي أيام مرضه عاش وإلا فيمكنني من ملازته أن يقوم في غد لخدمتك ولكن إذا كان في العام المقبل في مثل هذا اليوم يحم حمى حادة ولو كان من كان عنده من الأطباء لم تنجع فيه مداواته ويموت إما في البُحران الأول أو الثاني فانظر أيهما أحب إليك فقال له الحاجب أريد أن يخدمني في غداة غد وإلى العام المقبل فرج ظناً منه أن هذا القول من الأحاديث المدفوعة فلازمه أبو الحسن ولما كان في غد أفاق وقام في الخدمة وأعطى الحاجب لأبي الحسن خلعة سنية ومالاً كثيراً وصار يكرمه غاية الإكرام فلما كان في العام المقبل في مثل اليوم الذي حم فيه الغلام عاودته الحمى فأقام محموماً سبعة أيام ومات فعظم في نفس الحاجب وجماعة من الناس قول أبي الحسن وكبر لديهم محله وكان هذا منه كالمعجز. وقال هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابئ الكاتب حدثنا أبو محمد الحسن بن الحسين النوبختي قال حدثني الشريف أبو الحسن محمد بن عمر بن يحيى أنه أراد ابتياع جارية عاقلة من دور بني خاقان بأحد عشر ألف درهم وكان الوسيط في ذلك أبو المسيب فهد بن سليمان فقال لأبي المسيب أحب أن تستثير لي في أمرها أبا الحسن الحراني بعد أن تكلفه مشاهدتها فمضى إليه وسأله الركوب معه إلى دار القوم ليرى الجارية وكانت متشكية وشاهدها أبو الحسن الحراني وأخذ مجسها وتأمل قارورتها ثم قال له سراً إن كانت أكلت البارحة من سماقي أو حصرمية وقثاء أو خيار فاشترها وإلا فلا تعترض لها فسألنا عما أكلته في ليلتها فقيل لنا بعض ما قاله أبو الحسن فابتاعها فعجبنا من ذلك وعجب من سمع وقال المحسن بن إبراهيم كان أولاد أبي جعفر بن القاسم بن عبيد اللّه يشنعون على أبي الحسن الحراني عمنا بأنه قتل أباهم فسألت أبا إسحاق إبراهيم بن هلال والدي عن ذلك فقال كان أبو جعفر عدواً لأبي الحسن عمي وعازماً على قتله لأمور نقمها عليه وقد قبض عليه وحبسه فاتفق أن اعتل أبو جعفر علته التي مات فيها فأشير عليه بمشاورة أبي الحسن وهو في حبسه فقال لا أثق به ولا أسكن إليه مع ما يعلمه من سوء رأيي فيه وعول على غيره من الأطباء فدخل بعض إخوان أبي الحسن إليه وشرح له ما يدبر به أبو جعفر في مرضه فقال أبو الحسن وكان يأتمنه أنت تعرف رأي هذا الرجل في ومتى استمر على هذا التدبير هلك بلا محالة وكفينا كفاية عاجلة فأحب أن تمنعه مشاورتي وتصوبه على رأيه في العدول عني واشتدت العلة بأبي جعفر ومضى لسبيله بعد قبض القاهر باللّه عليه بعشرة أيام. وقال المحسن أيضاً أصابتني حمى حادة كان هجومها علي بغتة فحضر أبو الحسن عمنا وأخذ مجسي ساعة ثم نهض ولم يقل شيئاً فقال له والدي ما عندك يا عمي في هذه الحمى فقال له سرا لا تسألني عن ذلك إلى أن يجوزه خمسين يوماً فواللّه لقد فارقتني في اليوم الثالث والخمسين. وحكى أبو علي بن مكنجا النصراني الكاتب قال لما وافى عضد الدولة في سنة أربع وستين وثلثمائة إلى مدينة السلام استدعاني أبو منصور نصر بن هارون وكان قد ورد معه إذ ذاك وسألني عن أطباء بغداد فاجتمعت مع عبد يشوع الجاثليق وسألته عنهم فقال ها هنا جماعة لا يعول عليهم والمنظور إليه منهم أبو الحسن الحراني وهو رجل عاقل لا مثل له في صناعته وهو قليل التحصيل وأبو الحسن صديقي وأنا أبعثه إلى الخدمة وأوافقه عليها وأشير عليه بالملازمة لها وخاطب الجاثليق أبا الحسن على فصد أبي منصور نصر بن هارون ففصده وتقدم إليه بأن يحضر دار عضد الدولة ويتأمل حاله وما يدبر به أمره فتلقى ذلك بالسمع والطاعة وشرط أن يعرف صورته في مأكله ومشربه وبواطن أمره وطالع أبو منصور عضد الدولة بالصورة وحضر أبو الحسن الدار وعرف جميع ما سأل عنه وتردد أياماً ثم انقطع واجتمع مع الجاثليق فعاتبه على انقطاعه وعرفه وقوع الإنكار له فقال له لا فائدة في مضيي ولست أراه صواباً لنفسي وللملك أطباء فضلاء عقلاء علماء وقد عرفوا من طبعه وتدبيره ما يستغني به عن غيرهم في ملازمته وخدمته فألح الجاثليق عليه وسأله عن علة ما هو عليه في هذا الفعل والاحتجاج فيه بمثل هذا العذر فقال له هذا الملك متى أقام بالعراق سنة فسد عقله ولست أوثر أن يجري ذلك على يدي وأنا مدبره وطبيبه ومتى أنهى الجاثليق هذا القول عني جحدته وحلفت باللّه والبراءة من ديني ما قلته وكان عليك في ذلك ما تعلمه فأمسك الجاثليق وكتم هذا الحديث فلما عاد عضد الدولة إلى العراق في الدفعة الثانية كان الأمر على ما أنذر به فيه. وتوفي أبو الحسن الحراني في الحادي عشر من ذي القعدة سنة خمس وستين وثلثمائة للهجرة ببغداد وكان مولده بالرقة ليلة يوم الخميس لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ثلاث وثمانين ومائتين. ولأبي الحسن الحراني من الكتب إصلاح مقالات من كناش يوحنا بن سرابيون جوابات مسائل سئل عنها.
كان طبيباً عالماً بعلاج أمراض العين ولم يكن في زمانه أعلم منه في ذلك ولا أكثر مزاولة قال سليمان بن حسان حدثني أحمد بن يونس الحراني قال حضرت بين يدي أحمد بن وصيف الصابئ وقد أحضر سبعة أنفس لقدح أعينهن وفي جملتهم رجل من أهل خراسان أقعده بين يديه ونظر إلى عينيه فرأى ماء متهيأ للقدح فسامه على ذلك فطلب إليه فيه واتفق معه على ثمانين درهماً وحلف أنه لا يملك غيرها فلما حلف الرجل اطمأن وضمه إلى نفسه ورفع يده على عضده فوجد بها نطاقاً صغيراً فيه دنانير فقال له ابن وصيف ما هذا فتلون الخراساني فقال ابن وصيف حلفت باللّه حانثاً وأنت ترجو رجوع بصرك إليك واللّه لا عالجتك إذ خادعت ربك فطلب إليه فيه فأبى أن يقدحه وصرف إليه الثمانين درهماً ولم يقدح عينه.
شهر بخدمة المعتضد باللّه وكان أولاً عند الموفق طلحة بن المتوكل لأنه خدمه منذ أيام المتوكل واختص به وارتضع سائر أبناء المتوكل من لبن أولاد غالب فكان يسر بهم فلما تمكن الموفق من الأمر أقطعه ونوله وأغناه وكان له مثل الوالد ينادمه ويغلفه بيده وعالج الموفق من سهم كان أصابه في ثندوته وبرأ فأعطاه مالاً كثيراً وأقطعه وخلع عليه وقال لغلمانه من أراد إكرامي فليكرمه وليصل غالباً فوجه إليه مسرور بعشرة آلاف دينار ومائة ثوب ووجه إليه سائر الغلمان مثل ذلك وصار إليه مال عظيم ولما قبض على صاعد وعبدون أخذ لعبدون عدة غلمان نصارى مماليك فمن أسلم منهم أجري له رزق وترك ومن لم يسلم منهم بعثه إلى غالب وكان عدد من أنفذ إليه سبعين غلاماً أزمة وغيرها فلما ورد عليه معهم رسول من قبل الحاجب قال غالب أي شيء أعمل بهؤلاء وركب من وقته إلى الموفق فقال هؤلاء يستغرقون مال ضيعتي مع رزقي فضحك الموفق وتقدم إلى إسماعيل زيادة في إقطاعه الحرسيات وكانت ضياعاً جليلة تغل سبعة آلاف دينار وأجرها له بخمسين آلاف درهم في السنة. وبعد الموفق طلحة خدم لولده المعتضد بالله أبي عباس أحمد وكان مكينا عنده حظياً في أيامه وكان المعتضد يحسن الظن به ويعتمد على مداواته قال ثابت بن سنان ابن ثابت إن غالبا الطبيب توفي مع المعتضد بالله بآمد وكان كبيراً عنده وكان سعيد ابن غالب مع المعتضد بالله بآمد وكان يأنس اليه ويقدمه على جميع المتطببين واتصل الخبر بوفاة غالب بالمعتضد قبل وقوف سعيد ابنه على ذلك فلما دخل سعيد عليه ابتدأه المعتضد وعزاه وقال له يا سعيد طول البقاء لك لما تم عليك فانصرف سعيد الى مضربه كئيباً حزيناً فأتبعه المعتضد بخفيف السمرقندي وبنان الرصاصي وبسرخاب الكسوة وكانوا أجل خدم السلطان وجلسوا معه طويلاً وعرف الخبر فلم يبق أحد من أهل الدولة إلا صار إلى سعيد بن غالب وعزاه بأبيه من الوزير القاسم بن عبيد الله ومؤنس الخادم ومن بعدهما من الأستاذين والأمراء والقواد والأولياء على طبقاتهم ثم أنفذ اليه المعتضد وقت الظهر بجون طعام وتقدم إليه أن لا يبرح أو يطعمه ويطعم دانيل كاتب مؤنس وسعدون كاتب يانس وكانا صهريه على أختيه ففعل ذلك ولم يزل يحضره في كل يوم ويشاغله بالحديث ويصرفه ويتبعه بجون الطعام مدة سبعة أيام ورد إليه ما كان إلى أبيه من أمر الجراية والتلامذة وأقر في يده إقطاعاته وضياعه ولم يزل ذلك له ولولده إلى آخر عمره
كان طبيباً عارفاً حسن المداواة مشهوراً في صناعة الطب خدم المعتضد باللّه وحظي عنده وكان كثير الإحسان إليه والإنعام عليه وتوفي أبو عثمان سعيد بن غالب في يوم الأحد لست بقين
كان طبيباً مشهوراً ببغداد حسن المعالجة جيد التدبير ويعرف كثيراً من الأدوية المركبة وله تجارب حميدة وتصرفات بليغة في صناعة الطب قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه حكي عن داؤد بن ديلم وعن عبدوس المتطببين قال لما غلظت علة المعتضد وكان من استسقاء وفساد مزاج من علل يتنقل منها وخاف على نفسه أحضرنا وجميع الأطباء فقال لنا أليس تقولون إن العلة إذا عُرفت عرف دواؤها فإذا أعطي العليل ذلك ا لدواء صلح قلنا له بلى قال فعلتي عرفتموها ودواءها أم لم تعرفوها قلنا قد عرفناها قال فما بالكم تعالجوني ولست أصلح وظننا أنه قد عزم على الإيقاع بنا فسقطت قوانا فقال له عبدوس يا أمير المؤمنين نحن على ما قلنا في هذا الباب إلا أن في الأمر شيئاً وهو أنا لا نعرف مقدار أجزاء العلة فنقابلها من الدواء بمثل أجزائها وإنما نعمل في هذا على الحدس ونبتدئ بالأقرب فالأقرب ونحن ننظر في هذا الباب ونقابل العلة بما ينجع فيها إن شاء اللّه تعالى. قال فأمسك عنا وخلونا فتشاورنا على أن نرميه بالعابة وهي التنور فأحميناه له ورميناه فيه فعرق وخف ما كان به لدخول العلة إلى باطن جسمه ثم ارتقت إلى قلبه فمات بعد أيام وخلصنا مما كنا أشرفنا عليه وكانت وفاة المعتضد ليلة الثلاثاء لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين. ولعبدوس من الكتب كتاب التذكرة في الطب.
ويكنى أبا منصور كان في أول أمره فاصداً في البيمارستان ببغداد ثم إنه بعد ذلك اشتغل في صناعة الطب وتميز حتى صار من الأكابر من أهلها والمتعينين من أربابها نقلت من خط المختار بن حسن بن بطلان في مقالته في علة نقل الأطباء المهرة تدبير أكثر الأمراض التي كانت تعالج قديماً بالأدوية الحارة إلى التدبير المبرد كالفالج واللقوة والاسترخاء وغيرها ومخالفتهم في ذلك لمسطور القدماء قال إن أول من فطن لهذه الطريق ونبه عليها ببغداد وأخذ المرضى في المداواة بها وأطرح ماسواها الشيخ أبو منصور صاعد بن بشر الطبيب رحمه اللّه فإنه أخذ المرضى بالفصد والتبريد والترطيب ومنع المرضى من الغذاء فأنجح تدبيره وتقدم في الزمان بعد أن كان فاصداً في البيمارستان وانتهت الرياسة إليه فعول الملوك في تدبيرهم عليه فرفع عن البيمارستان المعاجين الحارة والأدوية الحادة ونقل تدبير المرضى إلى ماء الشعير ومياه البزور من ذلك ما حكاه لي بميافارقين الرئيس أبو يحيى ولد الوزير أبي القاسم المغربي قال عرض للوزير بالأنبار قولنج صعب أقام لأجله في الحمام واحتقن عدة حقن وشرب عدة شربات فلم ير صلاحاً فأنفذنا رسولاً إلى صاعد فلما جاء ورآه على تلك الحال ولسانه قد قصر من العطش وشرب الماء الحار والسكر وجسمه يتوقد من ملازمة الحمام ومداواة المعاجين الحارة والحقن الحادة استدعى كوز ماء مثلوج فأعطاه الوزير فتوقف عن شربه ثم إنه جمع بين الشهوة وترك المخالفة وشربه فقويت في الحال نفسه ثم استدعى فاصداً ففصده وأخرج له دماً كثير المقدار وسقاه ماء البذور ولعاباً وسكنجبيناً ونقله من حجرة الحمام إلى الخيش وقال إن الوزير أدام اللّه عافيته سينام من بعد الفصد ويعرق وينتبه فيقوم عدة مجالس وقد تفضل اللّه بعافيته ثم تقدم بصرف الخدم لينام فقام الوزير إلى مرقده وقد وجد خفاً من بعد الفصد فنام مقدار خمس ساعات وانتبه يصيح بالفراش فقال صاعد للفراش إذا قام من الصيحة فقل له يعاود النوم حتى لا ينقط العرق فلما خرج الفراش من عنده قال وجدت ثيابه كأنها قد صبغت بماء الزعفران وقد قام مجلساً ونام ثم لا زال الوزير يتردد دفعات إلى آخر النهار مجالس عدة ومن بعدها غذاه بمزوّرة وسقاه ثلاثة أيام ماء الشعير فبرأ برأ تاماً فكان الوزير أبداً يقول طوبى لمن سكن بغداد داراً شاطئه وكان طبيبه أبو منصور وكاتبه أبو علي بن ونقلت أيضاً من خط ابن بطلان إن صاعد الطبيب عالج الأجل المرتضى رضي اللّه عنه من لسب عقرب بأن ضمد المكان بكافور فسكن عنه الألم في الحال. ونقلت من خط أبي سعيد الحسن بن أحمد بن علي في كتاب ورطة الأجلاء من هفوة الأطباء قال كان الوزير علي بن بلبل ببغداد وكان له ابن أخت فلحقته سكتة دموية وخفي حاله على جميع الأطباء ببغداد وكان بينهم صاعد بن بشر حاضراً فسكت حتى أقر جميع الأطباء بموته ووقع اليأس من حياته وتقدم الوزير في تجهيزه واجتمع الخلق في العزاء والنساء في اللطم والنياح ولم يبرح صاعد بن بشر من مجلس الوزير فعند ذلك قال الوزير لصاعد بن بشر الطبيب هل لك حاجة فقال له نعم يا مولانا إن رسمت وأمرت لي ذكرت ذلك فقال له تقدم وقل ما يلج في صدرك فقال صاعد هذه سكتة دموية ولا مضرة في إرسال مبضع واحد وننظر فإن نجح كان المراد وإن تكن الأخرى فلا مضرة فيه ففرح الوزير وتقدم بإبعاد النساء وأحضر ما وجب من التمريخ والنطول والبخور والنشوق واستعمل ما يجب ثم شد عضد المريض وأقعد حضن بعض الحاضرين وأرسل المبضع بعد التعليق على الواجب من حاله فخرج الدم ووقعت البشائر في الدار ولم يزل يخرج الدم حتى تمم ثلثمائة درهم من الدم فانفتحت العين ولم ينطق بعد فشد اليد الأخرى ونشقه ما وجب تنشيقه ثم فصده ثانياً وأخرج مثلها من الدم وأكثر فتكلم ثم أسقي وأطعم ما وجب فبرئ من ذلك وصح جسمه وركب في الرابع إلى الجامع ومنه إلى ديوان الخليفة ودعا له ونثر عليه من الدراهم والدنانير الكثيرة وحصل لصاعد بن بشر الطبيب مال عظيم وحشمه الخليفة والوزير وقدمه وزكاه وتقدم على جميع من كان في زمانه. أقول ووجدت صاعد بن بشر قد ذكر في مقالته في مرض المراقيا ما عاينه في ذلك الزمان من أهوال وجدها ومخاوف شاهدها ما هذا نصه قال وأنه عرض لنا من تضايق الزمان علينا والتشاغل بالتماس الأمر الضروري ولما قد شملنا من الخوف والحذر والفزع واختلاف السلاطين وما قد بلينا به مع ذلك من التنقل في المواضع وضياع كتبنا وسرقتها ولما قد أظلنا من الأمور المذعرة المخوفة التي لا نرجو في كشفها إلا الله تقدس اسمه. هذا ما ذكره وما كان في أيامه إلا اختلاف ملوك الإسلام بعضهم مع بعض وكان الناس سالمين في أنفسهم آمنين من القتل والسبي فكيف لو شاهد ما شاهدناه ونظر ما نظرناه في زماننا من التتار الذين أهلكوا العباد وأخربوا البلاد وكونهم إذا أتوا إلى مدينة فما لهم همٌّ إلا قتل جميع من فيها من الرجال وسبي الأولاد والنساء ونهب الأموال وتخريب القلاع والمدن لكان استصغر ما ذكره واستقل ما عاينه وحقره ولكن ما طامة إلا فوقها طامة أعظم منها ولا حادثة إلا وغيرها تكبر عنها وللّه الحمد على السلامة والعافية.
كان من الأطباء المذكورين ببغداد المتقدمين في صناعة الطب وكان يتردد إلى الحسن بن مخل وزير المعتمد ويخدمه ووجدت في بعض التواريخ أن المعتمد على اللّه وهو أحمد بن المتوكل أراد أن يفتصد فقال للحسن بن مخلد اكتب لي جميع من في خدمتنا من الأطباء حتى أتقدم بأن تصل كل واحد منهم على قدره فكتب الأسماء وأدخل فيها اسم ديلم المتطبب وكان ديلم يخدم الحسن بن مخلد فوقع تحت الأسماء بالصلات فقال ديلم إني لجالس في منزلي حتى وافى رسول بيت المال ومعه كيس فيه ألف دينار فسلمه إليّ وانصرف فلم أدر ما السبب فيه فبادرت بالركوب إلى الحسن بن مخلد وهو حينئذ الوزير فعرفته ذلك فقال لي افتصد أمير المؤمنين وأمرني بأن أكتب أسماء الأطباء ليتقدم بصلاتهم فأدخلت اسمك معهم فخرج لك ألف دينار.
كان من الأطباء المتميزين ببغداد المجيدين في المعالجة وخدم المعتضد باللّه وخص به فكانت التوقيعات تخرج بخط ابن ديلم لمحله منه ومكانته وكان يتردد إلى دور المعتضد وله منه الإحسان الكثير والإنعام الوافر وكانت وفاة داؤد بن ديلم يوم السبت لخمس خلون من المحرم سنة تسع وعشرين وثلثمائة ببغداد.
كان من الأطباء المذكورين ببغداد ونقل كتباً كثيرة إلى العربية من كتب الطب وغيره وكان منقطعاً إلى علي بن عيسى وقال ثابت ابن سنان المتطبب أن أبا الحسن علي بن عيسى الوزير في سنة اثنتين وثلثمائة اتخذ البيمارستان بالحربية وأنفق عليه من ماله وقلده أبا عثمان سعيد بن يعقوب الدمشقي متطببه مع سائر البيمارستانات ببغداد ومكة والمدينة ومن كلام أبي عثمان سعيد بن يعقوب الدمشقي قال الصبر قوة من قوى العقل وبحسب قوة العقل تكون قوة الصبر. ولأبي عثمان الدمشقي من الكتب مسائل جمعها من كتاب جالينوس في الأخلاق مقالة في النبض مشجرة وهي جوامعه لكتاب النبض الصغير لجالينوس.
كان فاضلاً في الصناعة الطبية عارفاً بأصولها وفروعها جيد التعليم حسن المعالجة وهو أول من وجدناه فسر مسائل حنين ابن إسحاق في الطب وكان تفسيره لهذا الكتاب في سنة ثلاثين وثلثمائة. قال عبيد اللّه بن جبرائيل وقيل عنه أنه ما كان يفسر إلا سكران وكان في هذا نادراً قال وقد شاهدت إنساناً كان يتعاطى الشعر وكان إذا أراد عمله احتال في تحصيل نبيذ فيشربه ويجلس فيعمل حينئذ الشعر وسبب ذلك أن الدماغ يكون مائلاً إلى البرد فإذا أسخنه ببخار النبيذ تحرك وقوي على الفعل. وللرقّي من الكتب شرح مسائل حنين في الطب
ويكنى أبا إسحاق فاضل في العلوم الحكمية وهو ممن أخذ عنه علم المنطق وكان مفسراً وعليه قرأ أبو بشر متى بن يونان وكُتُب قويري مطّرحة مجفوة لأن عباراته كانت عفطية غلقة. ولقويري من الكتب كتاب تفسير قاطيغورياس مشجر كتاب باريمينياس مشجر كتاب أنالوطيقا الأولى مشجر كتاب أنالوطيقا الثانية مشجر. وهو أبو أحمد الحسين بن أبي الحسين إسحاق بن إبراهيم بن زيد الكاتب ويعرف بابن كرنيب وكان من جلة المتكلمين ويذهب مذهب الفلاسفة الطبيعيين وكان في نهاية الفضل والمعرفة والاطلاع بالعلوم الطبيعية القديمة. ولأبي أحمد بن كرنيب من الكتب كتاب الرد على أبي الحسن ثابت بن قرة في نفيه وجوب السكونين بين كل حركتين متساويتين مقالة في الأجناس والأنواع وهي الأمور العامية كتاب كيف يعلم ما مضى من النهار من ساعة من قبل الارتفاع.
كان طبيباً مشهوراً بمدينة السلام متميزاً في الحكمة وقرأ عليه أبو بشر متى بن يونان وكان فاضلاً ولكنه كان سريانياً وجميع ما له من الكتب في المنطق وغيره بالسريانية متى بن يونان كان أبو بشر متى بن يونان من أهل ديرقنى ممن نشأ في أسكول مرماري قرأ على قويري وعلى روفيل وبنيامين ويحيى المروزي وعلى أبي أحمد بن كرنيب وله تفسير من السرياني إلى العربي وإليه انتهت رئاسة المنطقيين في عصره وكان نصرانياً وتوفي ببغداد يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وثلثمائة. ولمتى من الكتب مقالة في مقدمات صدر بها كتاب أنالوطيقا كتاب المقاييس الشرطية شرح كتاب إيساغوجي لفرفوريوس.
وأبو زكريا يحيى بن حميد بن زكريا المنطقي وإليه انتهت الرئاسة ومعرفة العلوم الحكمية في وقته قرأ على أبي بشر متى وعلى أبي نصر الفارابي وعلى جماعة أخر وكان أوحد دهره ومذهبه من مذاهب النصارى اليعقوبية وكان جيد المعرفة بالنقل وقد نقل من اللغة السريانية إلى اللغة العربية وكان كثير الكتابة ووجدت بخطه عدة كتب. قال محمد بن إسحاق النديم البغدادي في كتاب الفهرست قال لي يحيى بن عدي يوماً في الوراقين وقد عاتبته على كثرة نسخه فقال لي من أي شيء تعجب في هذا الوقت من صبري قد نسخت بخطي نسختين من التفسير للطبري وحملتهما إلى ملوك الأطراف وقد كتبت من كتب المتكلمين ما لا يحصى ولعهدي بنفسي وأنا أكتب في اليوم والليلة مائة ورقة وأقل. وقال الأمير أبو الوفاء المبشر بن فاتك حدثني شيخي أبو الحسين المعروف بابن الآمدي أنه سمع من أبي علي إسحاق بن زرعة يقول إن أبا زكريا يحيى بن عدي وصى إليه أن يكتب على قبره حين حضرته الوفاة وهو في بيعة مرتوما بقطيعة الدقيق هذين البيتين رب ميت قد صار بالعلم حيا ومبقّى قد مات جهلاً وعيّاً فاقتنوا العلم كي تنالوا خلوداً لا تعدو الحياة في الجهل شيّاً وليحيى بن عدي من الكتب رسالة في نقض حجج أنفذها الرئيس في نصرة قول القائلين بأن الأفعال خلق للّه واكتساب للعبد تفسير كتاب طوبيقا لأرسطوطاليس مقالة في البحوث الأربعة مقالة في سياسة النفس مقالة في أهمية صناعة المنطق وماهيتها وأوليتها مقالة في المطالب الخمسة للرؤوس الثمانية كتاب في منافع الباه ومضاره وجهة استعماله بحسب اقتراح الشريف أبي طالب ناصر بن إسماعيل صاحب السلطان المقيم في القسطنطينية.
هو أبو علي عيسى بن إسحاق بن زرعة بن مرقس بن زرعة بن يوحنا أحد المتقدمين في علم المنطق وعلوم الفلسفة والنقلة المجودين ومولده ببغداد في ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وثلثمائة ونشأ بها وكان كثير الصحبة والملازمة ليحيى بن عدي. نقلت من خط المختار بن الحسن بن بطلان في مقالته في علة نقل الأطباء المهرة تدبير أكثر الأمراض التي كانت تعالج قديماً بالأدوية الحارة إلى التدبير المبرد كالفالج واللقوة والاسترخاء وغيرها ومخالفتهم في ذلك لمسطور القدماء قال إن أول من فطن لهذه الطريق ونبه عليها ببغداد وأخذ المرضى في المداواة بها واطرح ما سواها الشيخ أبو منصور صاعد بن بشر الطبيب رحمه اللّه فإنني سمعته يقول أول ما خطر لي النقل في الفالج الذي عرض لشيخنا أبي علي بن زرعة رحمه الله وذلك أن أبا علي كان رجلاً منحف الجسم حاد الخاطر محداثاً مليح المجلس ملازماً للتدريس والنقل والتصنيف محباً للبوارد المحرفات والمطجنات ومليح الأسماك وما عمل من البوارد بالخردل ثم أنه حرص في آخر عمره على عمل مقالة في بقاء النفس فأقام نحواً من سنة يفكر فيها ويسهر لها حرصاً على عملها وكان أيضاً مفتوناً بالتجارة إلى بلد الروم وله فيها أضداد من تجار السريان قد سعوا به دفعات إلى السلطان وصودر على أموال ولحقته عدة نكبات فالتام عليه حرارة المزاج الأصلي وفساد الأغذية وكد الخاطر بالتصنيف ومداراة السلاطين فعرضت له مرضة حادة واختلاط أبحر فيها بفالج كما يبحر المرضى بأورام ونحوها. وكان الناس يعظمونه للعلم فاجتمع إليه مشايخ الأطباء كابن بكس وابن كشكرايا وتلميذ سنان وابن كزورا والحراني فمضوا في تدبيره بحسب المسطور في الكنانيش وأنا أقول من حيث لا قدرة على مجاهرتهم بالمخالفة لتقدمهم في الزمان واللّه إنهم لمخطئون لأنه فالج تابع لمرض حاد لشخص حار المزاج ثم إنهم سئموا من تدبيره فنقلته إلى المرطبات فخف قليلاً وشارف الصلاح وبعد زمان مات في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة من فرط ما دب به من الحار اليابس بالجمود الحادث في مؤخر الدماغ عن خلط سوداوي ولأبي علي بن زرعة من الكتب اختصار كتاب أرسطوطاليس في المعمور من الأرض كتاب أغراض كتب أرسطوطاليس المنطقية مقالة في معاني كتاب إيساغوجي مقالة في معاني قطعة من المقالة الثالثة من كتاب السماء مقالة في العقل رسالة في علة استنارة الكواكب مع أنها والكرات الحاملة لها من جوهر واحد بسائط رسالة أنشأها إلى بعض أوليائه في سنة سبع وثمانين وثلثمائة. أقول وفي هذه الرسالة معان يرد بها على اليهود ووجدت لبشر بن بيشى المعروف بابن عنايا الإسرائيلي رسالة يرد فيها على عيسى بن إسحاق بن زرعة وقد أجاب فيها عن رسالته هذه. هو أبو ماهر موسى بن يوسف بن سيار من الأطباء المشهورين بالحذق وجودة المعرفة بصناعة الطب ولموسى بن سيار من الكتب مقالة في الفصد الزيادة التي زادها على كناش الخف لإسحاق بن حنين. علي بن العباس المجوسي من الأهواز وكان طبيباً مجيداً متميزاً في صناعة الطب وهو الذي صنف الكتاب المشهور الذي يعرف بالملكي صنفه للملك عضد الدولة فناخسرو بن ركن الدولة أبي علي حسن بن بويه الديلمي وهو كتاب جليل مشتمل على أجزاء الصناعة الطبية علمها وعملها. وكان علي بن العباس المجوسي قد اشتغل بصناعة الطب على أبي ماهر موسى بن سيار وتتلمذ له. ولعلي بن العباس المجوسي من الكتب كتاب الملكي في الطب عشرون مقالة
كان القاهر باللّه وهو أبو منصور محمد بن المعتضد يعتمد على طبيبه هذا عيسى ويركن إليه ويفضي إليه بأسراره وتوفي عيسى طبيب القاهر باللّه سنة ثمان وخمسين وثلثمائة ببغداد وكان كُفّ قبل موته بسنتين قال ثابت بن سنان في تاريخه وأعلمني أن مولده كان في النصف من جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين ومائتين.
قال عبيد اللّه بن جبرائيل كان دانيال المتطبب لطيف الخلقة ذميم الأعضاء متوسط العلم له إنسة بالمعالجة وكانت فيه غفلة وتبدد وكان قد استخصه معز الدولة لخدمته فدخل عليه يوماً فقال له يا دانيال فقال لبيك أيها الأمير قال أليس عندكم أن السفرجل إذا أكل قبل الطعام أمسك الطبع وإذا أكل بعد الطعام أسهل قال بلى قال فأنا أكلته بعد الطعام عصمني قال له دانيالليس هذا الطبع للناس فلكمه معز الدولة بيده في صدره وقال له قم تعلم أدب خدمة الملوك وتعال فخرج من بين يديه ونفث الدم ولم يزل كذلك مدة مديدة حتى مات. قال عبيد اللّه وهذه من غلطات العلماء التي تهلك وإلا مثل هذا لا يخفى لأن هناك معداً ضعيفة لا يمكنها دفع ما فيها فإذا وردها السفرجل قواها وأعانها على دفع ما فيها فتجيب الطبيعة وقد شاهدت إنساناً إذا أراد القيء شرب الشراب المحلى أو سكنجبين السفرجل فتقيأ مهما أراد قال وحكى والدي جبرائيل أنه كان الأمير أبو منصور مهذب الدولة رحمه اللّه إذا شرب شراب السفرجل أسهله وهذه أمور أسبابها معروفة وإنما كانت غلطة من دانيال حتى هلك. إسحاق بن شليطا كان هذا طبيباً بغدادياً له يد في الطب تقدم بها إلى أن انتقل إلى خدمة المطيع للّه واختص به إلى أن مات في حياة المطيع وخلف على موضعه أبو الحسين عمر بن عبد اللّه الدحلي وقد كان إسحاق مشاركاً في طب المطيع لثابت بن سنان بن ثابت بن قرة الحراني الصابئ.
كان متطبباً للمطيع لله وكان شديد التمكن منه والاختصاص به قال عبيد اللّه بن جبرائيل حدثني من أثق به إنه كان لا يحتشمه في شيء جملة ولما صرف المطيع للّه أبا محمد الصلحي كاتبه توسط أبو الحسين بن الدحلي لأبي سعيد وهب بن إبراهيم حتى تقلد كتبة الخليفة وبقي مدة ثم شرع أبو الحسين صهر أبي بشر البقري فتقلده وكان أبو سعيد وهب بقي إلى أن صارت الخلافة إلى الطائع وقبض عليه وبقي في الحبس إلى أن دخل بختيار وعضد الدولة إلى بغداد وهرب الخليفة وخرج من الحبس عند كسر أبواب الحبوس. كان متقدماً يختص بخدمة بختيار وكان يكرمه ويعزه أمراً عظيماً. قال عبيد الله بن جبرائيل ومن أخباره معه أنه رمدت عين بختيار في بعض الأوقات فقال له يا أبا نصر ليس واللّه تبرح من عندي أو تبرئ عيني وأريدها تبرأ في يوم واحد وأبرمه قال فسمعت أبا نصر يتحدث أنه قال له إن أردت أن تبرأ فتقدم إلى الفراشين والغلمان أن يأتمروني دونك في هذا اليوم وأخلفك ومن خالفني في أمري قتلته ففعل بختيار ذلك فأمر أبو نصر أن يحضروا إجانة مملوءة عسل الطبرزد فلما حضرغمس يدي بختيار في العسل ثم بدأ يداوي عينيه بالأشياف الأبيض الأبيض وما يصلح الرمد وجعل بختيار يصيح بالغلمان فلا يجيبه أحد ولم يزل كذلك يكحله إلى آخر النهار فبرئ وكان هو السفير بين بختيار والخليفة وإذا خرجت الخلع فعلى يديه تخرج وله فيها السهم الأوفر. أبو الحسين بن كشكرايا كان طبيباً عالماً مشهوراً بالفضل والإتقان لصناعة الطب وجود المزاولة لأعمالها وكان في خدمة الأمير سيف الدولة بن حمدان ولما بنى عضد الدولة البيمارستان المنسوب إليه ببغداد استخدمه فيه وزاد حاله وكان أبو الحسين بن كشكرايا كثير الكلام يحب أن يخجل الأطباء بالمساءلة والتهجم وكان له أخ راهب وله حقنة تنفع من قيام الأغراس والمواد الحادة ويعرف بصاحب الحقنة وكان أبو الحسين بن كشكرايا قد اشتغل بصناعة الطب على سنان بن ثابت بن قرة وكان من أجل تلامذته. ولأبي الحسين بن كشكرايا من الكتب كناشه المعروف بالحاوي كناش آخر باسم من وضعه إليه.
كان مشكوراً في صناعة الطب جميل الطريقة وكان من جملة الأطباء الذين جعلهم عضد الدولة في البيمارستان الذي أنشأه ببغداد ويعرف به. ولأبي يعقوب الأهوازي من الكتب مقالة في أن السكنجبين البزوري أحر من الترياق نظيف القس الرومي كان خبيراً باللغات وكان ينقل من اليوناني إلى العربي وكان يعد من الفضلاء في صناعة الطب واستخدمه عضد الدولة في البيمارستان الذي أنشأه ببغداد وكان عضد الدولة يتطير منه وكان الناس يولعون به إذا دخل إلى مريض حتى حكي في بعض الأوقات أن عضد الدولة أنفذه إلى بعض القواد في مرض كان عرض له فلما خرج من عند القائد استدعى بثقته وأنفذه إلى حاجب عضد الدولة يستعلم منه نية الملك فيه ويقول إن كان ثم تغير نية فليأخذ له الإذن بالانصراف والبعد فقد قلق لما جرى فسأل الحاجب عن ذلك وسببه فقال الغلام ما أعرف أكثر من أنه جاءه نظيف الطبيب وقال له يا مولانا الملك أنفذني لعيادتك فمضى الحاجب وأعاد بحضرة الملك عضد الدولة هذا الحديث فضحك وأمره أن يمضي إليه ويعلمه بحسن نيته فيه وإن ذلك أشغل قلبه به فأنفذه إليه ليعوده وحملت إليه خلع سنية فسكنت بها نفسه وزال عنه ما كان أضمر من شغل القلب وكان دائماً يولع به بسببها.
كان مشهوراً بالفضل والمعرفة متقناً لصناعة الطب جيداً في أصولها وفروعها حسن التصنيف. ولأبي سعيد اليمامي من الكتب شرح مسائل حنين مقالة في امتحان الأطباء وكيفية التمييز بين طبقاتهم.
كان فاضلاً في الصناعة الطبية متميزاً في العلوم الحكمية اجتمع بالشيخ الرئيس ابن سينا وجرت بينهما مسائل كثيرة في صناعة الطب وغيرها ولأبي الفرج بن أبي سعيد اليمامي من
كان طبيباً مشهوراً عالماً بصناعة الطب جيداً في أعمالها نقلت من خط ابن بطلان في مقالته في علة نقل الأطباء المهرة تدبير أكثر الأمراض التي كانت تعالج قديماً بالأدوية الحارة إلى التدبير المبرد كالفالج واللقوة والاسترخاء وغيرها ومخالفتهم في ذلك لمسطور القدماء قال حدثني الشيخ الفاضل أبو الفرج يحيى بن سعيد بن يحيى الطبيب بأنطاكية قال وهذا السيد في زماننا علم في العلم مقدم في الديانة والمروءة وله تصانيف جليلة قال قال ورد من القسطنطينية غلام للملك رومي شاب به سوء مزاج حار وجَسَأ في طحاله وسحنته حائلة لغلبة الصفراء وكان ماؤه أحمر في أكثر الأوقات وبه عطش فسقاه طبيب دواء مسهلاً ثم فصده وسقاه دواء مقيئاً فساءت حاله وأدخله طبيب رومي الحمام ولطخ جميع جسمه بالنورة ولطخه بعد ذلك بعسل نحل وألزم معدته ضماداً حاراً فاحتد مزاجه وكثر عطشه وبطلت شهوته وعرض له في الحال فالج في الشق الأيمن فسقي ماء الشعير كثيراً فصلحت حاله من الاسترخاء في تمام الأربعين ثم وقف طبعه فحقن فقام دفعات وجاءه دم أسود غليظ فلم يجد له نفعاً ثم انقطعت شهوته واستولى عليه القيام والسهر فمات في الستين. هو الفيلسوف الإمام العالم أبو الفرج عبد اللّه بن الطيب وكان كاتب الجاثليق ومتميزاً في النصارى ببغداد ويقرئ صناعة الطب في البيمارستان العضدي ويعالج المرضى فيه ووجدت شرحه لكتاب جالينوس إلى أغلوتن وقد قرئ عليه وعليه الخط بالقراءة في البيمارستان العضدي في يوم الخميس الحادي عشر من شهر رمضان سنة ست وأربعمائة وهو من الأطباء المشهورين في صناعة الطب وكان عظيم الشأن جليل المقدار واسع العلم كثير التصنيف خبيراً بالفلسفة كثير الاشتغال فيها وقد شرح كتباً كثيرة من كتب أرسطوطاليس في الحكمة وشرح أيضاً كتباً كثيرة من كتب أبقراط وجالينوس في صناعة الطب وكانت له مقدرة قوية في التصنيف وأكثر ما يوجد من تصانيفه كانت تنقل عنه إملاء من لفظة وكان معاصراً للشيخ الرئيس بن سينا وكان الشيخ الرئيس يحمد كلامه في الطب وأما في الحكمة فكان يذمه. ومن ذلك قال في مقالته في الرد علىه ما هذا نصه إنه كان يقع إلينا كتب يعملها الشيخ أبو الفرج بن الطيب في الطب ونجدها صحيحة مرضية خلاف تصانيفه التي في المنطق والطبيعيات وما يجري معها. وحدثني الشيخ موفق الدين يعقوب بن إسحاق بن القف النصراني أن رجلين من بلاد العجم كانا قد قصدا بغداد للاجتماع بأبي الفرج بن الطيب والقراءة عليه والاشتغال عنده ولما وصلا دخلا بغداد وسألا عن منزل أبي الفرج فقيل لهما إنه في الكنيسة للصلاة فتوجها نحوه ودخلا الكنيسة فلما قيل لهما إنه ذلك الشيخ وكان ابن الطيب في ذلك الوقت لابساً ثوب صوف وهو مكشوف الرأس وبيده مبخرة بسلاسل وفيها نار وبخور وهو يدور بها في نواحي الكنيسة ويبخر تأملاه وتحدثا بالفارسية وبقيا يديمان النظر إليه ويتعجبان منه أنه على هذه الهيئة ويفعل هذا الفعل وهو من أجل الحكماء وسمعته في أقاصي البلاد بالفلسفة والطب وفهم عنهما ماهما فيه ولما فرغ وقت الصلاة وخرج الناس من الكنيسة خرج أبو الفرج بن الطيب ولبس ثيابه المعتاد لبسها وقدمت له البغلة فركب والغلمان حوله وتبعاه أولئك العجم إلى داره وعرفاه أنهما قاصدان إليه من بلاد العجم للاشتغال وأن يكونا من جملة تلامذته فاستحضرهما في مجلسه وسمعا كلامه ودروس المشتغلين عليه ثم قال لهما كنتما حججتما قط قالا لاَ فماطلهما بالقراءة إلى أوان الحج وكان الوقت قريباً منه فلما نودي للحج قال لهما إن كنتما تريدان أن تقرأا علي وأن أكون شيخكما فحجا وإذا جئتما مع السلامة إن شاء اللّه يكون كل ما تريدان مني في الاشتغال علي فقبلا أمره وحجا ولما عاد الحاج جاءا إليه من أثر الحج وهما أقرعان وقد غلب الشحوب عليهما من حر الشمس والطريق فسألهما عن مناسك الحج وما فعلا فيها فذكرا له سورة الحال وقال لهما لما رأيتما الجمار بقيتما عراة موشحين وبأيديكم الحجارة وأنتما تهرولان وترميان بها قالا نعم فقال هكذا الواحب إن الأمور الشرعية تؤخذ نقلاً لا عقلاً وما كان قصده بذلك وأنه أمرهما بالحج إلا حين يتبين لهما أن الحال التي رأياه عليها وتعجبا من فعله أن ذلك راجع إلى الأوامر الشرعية وهي فإنما تؤخذ من أربابها متسلمة ممتثلة في سائر الملل ثم اشتغلا عليه بعد ذلك إلى أن تميزا وكانا من أجل تلاميذه وقال أبو الخطاب محمد بن محمد أبي طالب في كتاب الشامل في الطب إن أبا الفرج بن الطيب أخذ عن ابن الخمار وخلف من التلاميذ أبا الحسن بن بطلان وابن بدرج والهروي وبني حيون وأبا الفضل كتيفات وابن أثردى وعبدان وابن مصوصا وابن العليق قال وكان في عصر أبي الفرج من الأطباء صاعد بن عبدوس وابن تفاح وحسن الطبيب وبنو سنان والنائلي وعنه أخذ ابن سينا وأبو سعيد الفضل بن عيسى اليمامي وذكر لي أنه من تلامذته ابن سينا وعيسى بن علي بن إبراهيم بن هلال الكاتب وأظنه يكنى بكس وعلي بن عيسى الكحال وأبو الحسين البصري ورجاء الطبيب من أهل خراسان وزهرون ولأبي الفرج بن الطيب من الكتب تفسير كتاب قاطيغورياس لأرسطوطاليس تفسير كتاب باريمينياس لأرسطوطاليس تفسير كتاب أنالوطيقا لأرسطوطاليس تفسير كتاب أنالوطيقا الثانية لأرسطوطاليس تفسير كتاب طوبيقا لأرسطوطاليس تفسير سوفسطيقا أرسطوطاليس تفسير كتاب الخطابة لأرسطوطاليس تفسير كتاب الشعر لأرسطوطاليس تفسير كتاب الحيوان لأرسطوطاليس تفسير كتاب أبيديميا لأبقراط تفسير كتاب الفصول لأبقراط تفسير كتاب طبيعة الإنسان لأبقراط تفسير كتاب الأخلاط لأبقراط تفسير كتاب الفرق لجالينوس تفسير كتاب الصناعة الصغيرة لجالينوس تفسير كتاب النبض الصغير لجالينوس تفسير كتاب أغلوتن لجالينوس تفسير كتاب الأسطقسات لجالينوس تفسير كتاب المزاج لجالينوس تفسير كتاب القوى الطبيعية لجالينوس تفسير كتاب التشريح الصغير لجالينوس تفسير كتاب العلل والأعراض لجالينوس تفسير كتاب تعرف علل الأعضاء الباطنة لجالينوس تفسير كتاب النبض الكبير لجالينوس تفسير كتاب الحميات لجالينوس تفسير كتاب أيام البحران لجالينوس تفسير كتاب حملة البرء لجالينوس تفسير كتاب تدابير الأصحاء لجالينوس ثمار الستة عشر كتاباً لجالينوس وهو اختصار الجوامع شرح ثمار مسائل حنين بن إسحاق أملاه سنة خمس وأربعمائة كتاب النكت والثمار الطبية والفلسفية تفسير كتاب إيساغوجي لفرفوريوس مقالة في القوى الطبيعية مقالة في العلة لم جعل لكل خلط دواء يستفرغه ولم لم يجعل للدم دواء يستفرغه مثل سائر الأخلاط تعاليق في العين مقالة في الأحلام وتفصيل الصحيح منها من السقيم على مذهب الفلسفة مقالة في عراف أخبر بما ضاع وذكر الدليل على صحته بالشرع والطب والفلسفة مقالة أملاها في جواب ما سئل عنه من إبطال الاعتقاد في الأجزاء التي لا تنقسم وهذا السؤال سأله إياه ظافر بن جابر السكري ووجد بخط ظافر بن جابر السكري على هذه المقالة ما هذا مثاله قال هذه الكراسة بخط سيدنا الأستاذ الأجل أبي نصر محمد بن علي برزج تلميذ الشيخ أبي الفرج أملاها الشيخ أبو الفرج - أطال اللّه بقاءه ونكب أعداءه - عليه ببغداد وكان السبب في ذلك ظافر بن جابر بن منصور السكري الطبيب وهي الدستور بعينها شرح كتاب منافع الأعضاء لجالينوس مقالة مختصرة في المحبة شرح الإنجيل.
هو أبو الحسن المختار بن الحسن بن عبدون بن سعدون بن بطلان نصراني من أهل بغداد وكان قد اشتغل على أبي الفرج عبد اللّه بن الطيب وتتلمذ له وأتقن عليه قراءة كثير من الكتب الحكمية وغيرها ولازم أيضاً أبا الحسن ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني الطبيب واشتغل عليه وانتفع به في صناعة الطب وفي مزاولة أعمالها. وكان ابن بطلان معاصراً لعلي بن رضوان الطبيب المصري وكانت بين ابن بطلان وابن رضوان المراسلات العجيبة والكتب البديعة الغربية ولم يكن أحد منهم يؤلف كتاباً ولا يبتدع رأياً إلا ويرد الآخر عليه ويسفه رأيه فيه وقد رأيت أشياء من المراسلات التي كانت فيما بينهم ووقائع بعضهم في بعض وسافر ابن بطلان من بغداد إلى ديار مصر قصداً منه إلى مشاهدة علي بن رضوان والاجتماع به وكان سفره من بغداد في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ولما وصل في طريقه إلى حلب أقام بها مدة وأحسن إليه معز الدولة ثمال بن صالح بها وأكرمه إكراماً كثيراً وكان دخوله الفسطاط في مستهل جمادى الآخرة من سنة إحدى وأربعين وأربعمائة وأقام بها ثلاث سنين وذلك في دولة المستنصر باللّه من الخلفاء المصريين وجرت بين ابن بطلان وابن رضوان وقائع كثيرة في ذلك الوقت ونوادر ظريفة لا تخلو من فائدة وقد تضمن كثيراً من هذه الأشياء كتاب ألفه ابن بطلان بعد خروجه من ديار مصر واجتماعه بابن رضوان ولابن رضوان كتاب في الرد عليه وكان ابن بطلان أعذب ألفاظاً وأكثر ظرفاً وأميز في الأدب وما يتعلق به ومما يدل على ذلك ما ذكره في رسالته التي وسمها دعوة الأطباء وكان ابن رضوان أطب وأعلم بالعلوم الحكمية وما يتعلق بها وكان ابن رضوان أسود اللون ولم يكن بالجميل الصورة وله مقالة في ذلك يرد فيها على غيره بقبح الخلقة وقد بين فيها بزعمه أن الطبيب الفاضل لا يجب أن يكون وجهه جميلاً وكان ابن بطلان أكثر ما يقع في علي بن رضوان من هذا القبيل وأشباهه فلما تبدى للقوابل وجهه نكصن على أعقابهن من الندم وقلن وأخفين الكلام تستراً ألا ليتنا كنا تركناه في الرحم وكان يلقبه بتمساح الجن وسافر ابن بطلان من ديار مصر إلى القسطنطينية وأقام بها سنة وعرضت في زمنه أوباء كثيرة. ونقلت من خطه فيما ذكره من ذلك ما هذا مثاله قال ومن مشاهير الأوباء في زماننا الذي عرض عند طلوع الكوكب الأثاري في الجوزاء من سنة ست وأربعين وأربعمائة فإن في تلك السنة دفن في كنيسة لوقا بعد أن امتلأت جميع المدافن التي في القسطنطينية أربعة عشر ألف نسمة في الخريف فلما توسط الصيف في سنة سبع وأربعين لم يوف النيل فمات في الفسطاط والشام أكثر أهلها وجميع الغرباء إلا من شاء اللّه وانتقل الوباء إلى العراق فأتى عل أكثر أهله واستولى عليه الخراب بطروق العساكر المتعادية واتصل ذلك بها سنة أربع وخمسين وأربعمائة وعرض للناس في أكثر البلاد قروح سوداوية وأورام الطحال وتغير ترتيب نوائب الحميات واضطرب نظام البحارين فاختلف علم القضاء في تقدمة المعرفة. وقال أيضاً بعد ذلك ولأن هذا الكوكب الأثاري طلع في برج الجوزاء وهو طالع مصر أوقع الوباء في الفسطاط بنقصان النيل في وقت ظهوره في سنة خمس وأربعين وأربعمائة وصح إنذار بطليموس القائل الويل لأهل مصر إذا طلع أحد ذوات الذوائب وأنجهم في الجوزاء ولما نزل زحل برج السرطان تكامل خراب العراق والموصل والجزيرة واختلت ديار بكر وربيعة ومضر وفارس وكرمان وبلاد المغرب واليمن والفسطاط والشام واضطربت أحوال ملوك الأرض وكثرت الحروب والغلاء والوباء وصح حكم بطليموس في قوله إن زحل والمريخ متى اقترنا في السرطان زلزل العالم ونقلت أيضاً من خط بن بطلان فيما ذكره من الأوباء العظيمة العارضة للعلم بفقد العلماء في زمانه قال ما عرض في مدة بضع عشرة سنة بوفاة الأجل المرتضى والشيخ أبي الحسن البصري والفقيه أبي الحسن القدوري وأقضى القضاة الماوردي وابن الطيب الطبري على جماعتهم رضوان اللّه ومن أصحاب علوم القدماء أبو علي بن الهيثم وأبو سعيد اليمامي وأبو علي بن السمح وصاعد الطبيب وأبو الفرج عبد اللّه بن الطيب ومن متقدمي علوم الأدب والكتابة علي بن عيسى الربعي وأبو الفتح النيسابوري ومهيار الشاعر وأبو العلاء بن نزيك وأبو علي بن موصلايا والرئيس أبو الحسن الصابئ وأبو العلاء المعري فانطفأت سرج العلم وبقيت العقول بعدهم في الظلمة أقول ولابن بطلان أشعار كثيرة ونوادر ظريفة وقد ضمن منها أشياء في رسالته التي وسمها دعوة الأطباء وفي غيرها من كتبه وتوفي ابن بطلان ولم يتخذ امرأة ولا خلف ولداً ولذلك يقول ولا أحد أن مت يبكي لميتتي سوى مجلسي في الطب والكتب باكيا ولابن بطلان من الكتب كتاب الأديرة والرهبان كتاب شراء العبيد وتقليب المماليك والجواري كتاب تقويم الصحة مقالة في شرب الدواء المسهل مقالة في كيفية دخول الغذاء في البدن وهضمه وخروج فضلاته وسقي الأدوية المسهلة وتركيبها مقالة إلى علي بن رضوان عند وروده الفسطاط في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة جواباً عما كتبه إليه مقالة في علة نقل الأطباء المهرة تدبير أكثر الأمراض التي كانت تعالج قديماً بالأدوية الحارة إلى التدبير المبرد كالفالج واللقوة والاسترخاء وغيرها ومخالفتهم في ذلك لمسطور القدماء في الكنانيش والاقراباذينات وتدرجهم في ذلك بالعراق وما والاها على استقبال سنة سبع وسبعين وثلثمائة وإلى سنة خمس وخمسين وأربعمائة وصنف ابن بطلان هذه المقالة بانطاكية في سنة خمس وخمسين وأربعمائة وكان في ذلك الوقت قد أهل لبناء بيمارستان أنطاكية مقالة في الاعتراض على من قال أن الفرخ أحر من الفروج بطريق منطقية ألفها بالقاهرة في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة كتاب المدخل إلى الطب كتاب دعوة الأطباء ألفها للأمير نصير الدولة أبي نصر أحمد بن مروان ونقلت من خط ابن بطلان وهو يقول في آخرها فرغت من نسخها أنا مصنفها بوانيس الطبيب المعروف بالمختار بن الحسن بن عبدون بدير الملك المتيح قسطنطين بظاهر القسطنطينية في آخر أيلول من سنة خمس وستين وثلثمائة وألف هذا قوله ويكون ذلك بالتاريخ الإسلامي من سنة خمسين وأربعمائة كتاب دعوة الأطباء كتاب دعوة القسوس مقالة في مداواة صبي عرضت له حصاة.
كان كثير الاطلاع في العلوم فاضلاً في صناعة الطب حسن العلاج وخدم بصناعة الطب للأمير نصير الدولة بن مروان وللفضل بن جرير التكريتي من الكتب مقالة في أسماء الأمراض واشتقاقاتها كتبها إلى بعض إخوانه وهو يوحنا بن عبد المسيح. أبو نصر يحيى بن جرير التكريتي كان كأخيه في العلم والفضل والتميز في صناعة الطب وكان موجوداً في سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة وليحيى بن جرير التكريتي من الكتب كتاب الاختبارات في علم النجوم كتاب في الباه ومنافع الجماع ومضاره رسالة كتبها لكافي الكفاة أبي نصر محمد بن محمد بن جهير في منافع الرياضة وجهة استعمالها.
كان بميا فارقين في أيام الأمير نصر الدولة بن مروان وكان فاضلاً في صناعة الطب جيد المداواة خبيراً بتأليف الأدوية ووجدت له أقراباذيناً بديع التأليف بليغ التصنيف حسن الاختبار مرضى الأخبار وابن دينار هذا هو الذي ألف الشراب المنسوب إليه المعروف بشراب الديناري المتداول استعماله بين الأطباء وغيرهم وذلك مذكور في كتابه هذا يقول إنه الذي ألفه ولابن دينار من الكتب كتاب الاقراباذين.
كان ماهراً في علم الطب ونقل كتباً كثيرة إلى العربي ثم كف بصره وكان مع ذلك يحاول صناعة الطب ويزاولها بحسب ما هو عليه وكان يدرس صناعة الطب في البيمارستان العضدي لما بناه عضد الدولة وكان له منه ما يقوم بكفايته. ولإبراهيم بن بكس من الكتب كناشه كتاب الاقراباذين الملحق بالكناش مقالة بأن الماء القراح أبرد من ماء الشعير مقالة في الجدري.
كان طبيباً فاضلاً بصناعة الطب مشهوراً بها جيد المعرفة بالنقل وقد نقل كتباً كثيرة إلى العربي قسطا بن لوقا البعلبكي قال سليمان بن حسان إنه مسيحي النحلة طبيب حاذق نبيل فيلسوف منجم عالم بالهندسة والحساب قال وكان في أيام المقتدر باللّه وقال ابن النديم البغدادي الكاتب إن قسطا كان بارعاً في علوم كثيرة منها الطب والفلسفة والهندسة والأعداد والموسيقى لا مطعن عليه فصيحاً في اللغة اليونانية جيد العبارة بالعربية وتوفي بأرمينية عند بعض ملوكها ومن ثم أجاب أبا عيسى بن المنجم عن رسالته في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وثم عم كتاب الفردوس في التاريخ أقول ونقل قسطا كتباً كثيرة من كتب اليونانيين إلى اللغة العربية وكان جيد النقل فصيحاً باللسان اليوناني والسرياني والعربي وأصلح نقولا كثيرة وأصله يوناني وله رسائل وكتب كثيرة في صناعة الطب وغيرها وكان حسن العبارة جيد القريحة وقال عبيد الله بن جبرائيل إن قسطا اجتذبه سنحاريب إلى أرمينية وأقام بها وكان بأرمينية أبو الغطريف البطريق من أهل العلم والفضل فعمل له قسطا كتباً كثيرة جليلة نافعة شريفة المعاني مختصرة الألفاظ في أصناف من العلوم ومات هناك فدفن وبني عليه قبة وأكرم قبره كإكرام قبور الملوك ورؤساء الشرائع ولقسطا بن لوقا من الكتب كتاب في أوجاع النقرس كتاب في الروائح وعللها رسالة إلى أبي محمد الحسن بن مخلد في أحوال الباه وأسبابه على طريق المسألة والجواب كتاب في الأعداء ألفه للبطريق فتى أمير المؤمنين كتاب جامع في الدخول إلى علم الطب إلى أبي إسحاق ابراهيم بن محمد المعروف بابن المدبر كتاب في النبيذ وشربه في الولائم كتاب في الإسطقسات كتاب في السهر ألفه لأبي الغطريف البطريق مولى أمير المؤمنين كتاب في العطش ألفه لأبي الغطريف مولى أمير المؤمنين كتاب في القوة والضعف كتاب في الأغذية على طريق القوانين الكلية ألفه لبطريق البطارقة أبي غانم العباس بن سنباط كتاب في النبض ومعرفة الحميات وضروب البحرانات كتاب في علة الموت فجأة ألفه لأبي الحسن محمد بن أحمد كاتب بطريق البطارقة كتاب في معرفة الخدر وأنواعه وعلله وأسبابه وعلاجه ألفه لقاضي القضاة أبي محمد الحسن بن محمد كتاب في أيام البحران في الأمراض الحادة كتاب في الأخلاط الأربعة وما تشترك فيه مختصر كتاب في الكبد وخلقتها وما يعرض فيها من الأمراض رسالة في المروحة وأسباب الريح كتاب في مراتب قراءة الكتب الطبية كتبه إلى أبي الغطريف البطريق كتاب في تدبير الأبدان في سفر الحج ألفه لأبي محمد الحسن بن مخلد كتاب في دفع ضرر السموم كتاب في المدخل إلى علم الهندسة على طريق المسألة والجواب ألفه لأبي الحسن علي بن يحيى مولى أمير المؤمنين كتاب آداب الفلاسفة كتاب في الفرق بين الحيوان الناطق وغير الناطق كتاب في تولد الشعر كتاب في الفرق بين النفس والروح كتاب في الحيوان الناطق كتاب في الجزء الذي لا يتجزأ كتاب في حركة الشريان كتاب في النوم والرؤيا كتاب في العضو الرئيس من البدن كتاب في البلغم كتاب في الدم كتاب في المرة الصفراء كتاب في المرة السوداء كتاب في شكل الكرة والاسطوانة كتاب في الهيئة وتركيب الأفلاك كتاب في حساب التلاقي على جهة الجبر والمقابلة كتاب في ترجة ديوفنطس في الجبر والمقابلة كتاب في العمل بالكرة الكبيرة النجومية كتاب في الآلة التي ترسم عليها الجوامع وتعمل منها النتائج كتاب في المتعة كتاب في المرايا المحرقة كتاب في الأوزان والمكاييل كتاب السياسة ثلاث مقالات كتاب العلة في اسوداد الخيش وتغيره من الرش كتاب في القرسطون كتاب في الاستدلال بالنظر إلى أصناف البول كتاب المدخل إلى المنطق كتاب مذهب اليونانيين رسالة في الخضاب كتاب في شكوك كتاب إقليدس كتاب الفصد وهو أحد وتسعون باباً ألفه لأبي إسحاق ابراهيم بن محمد المعروف بابن المدبر كتاب المدخل إلى علم النجوم كتاب الحمام كتاب الفردوس في التاريخ رسالة في استخراج مسائل عدديات من المقالة الثالثة من إقليدس تفسير ثلاث مقالات ونصف من كتاب برفنطس في المسائل العددية كتاب في عبارة كتب المنطق وهو المدخل إلى كتاب أيساغوجي كتاب أيساغوجي كتاب في البخار رسالة إلى أبي علي بن بنان بن الحرث مولى أمير المؤمنين فيما سأل عنه من علل اختلاف الناس في أخلاقهم وسيرهم وشهواتهم واختياراتهم مسائل في الحدود على رأي الفلاسفة. هو أبو فاضل في العلوم الحكمية متميز فيها خبير بصناعة الطب جيد في أصولها وفروعها ولمسكويه من الكتب كتاب الأشربة كتاب الطبيخ كتاب تهذيب الأخلاق
هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن أبي الأشعث كان وافر العقل سديد الرأي محباً للخير كثير السكينة والوقار متفقها في الدين وعمر عمراً طويلاً له تلاميذ كثيرة وكان فاضلاً في العلوم الحكمية متميزاً فيها وله تصانيف كثيرة في ذلك تدل على ما كان عليه من العلم وعلو المنزلة وله كتاب في العلم الإلهي في نهاية الجودة وقد رأيته بخطه رحمه اللّه تعالى وكان عالماً بكتب جالينوس خبيراً بها متطلعاً على أسرارها وقد شرح كثيراً من كتب جالينوس وهو الذي فصل كل واحد من الكتب الست عشر التي لجالينوس إلى جمل وأبواب وفصول وقسمها تقسيماً لم يسبقه إلى ذلك أحد غيره وفي ذلك معونة كثيرة لمن يشتغل بكتب الفاضل جالينوس فإنه يسهل عليه كل ما يلتمسه منها وتبقى له أعلام تدله على ما يريد مطالعته من ذلك ويتعرف به كل قسم من أقسام الكتاب وما يشتمل عليه وفي أي غرض هو وفصّل أيضاً كذلك كثيراً من كتب أرسطوطاليس وغيره وجلة مصنفات أحمد بن أبي الأشعث في صناعة الطب وغيرها ونقلت من كتاب عبيد اللّه بن جبرائيل بن بختيشوع قال ذكر لي من خبر أحمد ابن الأشعث رحمه اللّه أنه لم يكن منذ ابتدأ عمره يتظاهر بالطب بل كان متصرفاً وصودر وكان أصله من فارس فخرج من بلده هارباً ودخل الموصل بحالة سيئة من العري والجوع واتفق أنه كان لناصر الدولة ولد عليل في حالة من قيام الدم والأغراس وكان كلما عالجته الأطباء ازداد مرضه فتوصل إلى أن دخل عليه وقال لأمه أنا اعالجه وبدأ يريها غلط الأطباء في التدبير فسكنت إليه وعالجه فبرأ وأعطي وأحسن إليه وأقام بالموصل إلى آخر عمره واتخذ له تلاميذ عدة إلا أن الخاص به والمتقدم عنده كان أبو الفلاح وبرع في صناعة الطب. أقول كانت وفاة أحمد بن أبي الأشعث رحمه اللّه في سنة ثلثمائة ونيف وستين للهجرة وكان له عدة أولاد والذي وجدته مشهوراً منهم في صناعة الطب محمد ولأحمد بن أبي الأشعث من الكتب كتاب الأدوية المفردة ثلاث مقالات وكان السبب الباعث له على تصنيفه قوم من تلامذته سألوه ذلك وهذا نص كلامه في صدر الكتاب قال سألني أحمد بن محمد البلدي أن أكتب هذا الكتاب وقديماً سألني محد بن ثواب فتكلمت في هذا الكتاب بحسب طبقتهما وكتبته إليهما وبدأت به في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة وهما في طبقة من تجاوز تعلم الطب ودخلا في جملة من يتفقه فيما علم من هذه الصناعة ويفرع ويقيس ويستخرج وإى من في طبقتهما من تلامذتي ومن إئتمَّ بكتبي فإن من أراد قراءة كتابي هذا وكان قد تجاوز حد التعليم إلى حد التفقه فهو الذي ينتفع به ويحظى بعلمه ويقدر أن يستخرج منه ما هو فيه بالقوة مما لم أذكره وأن يفرع على ما ذكرته ويشيد وهذا قولي لجمهور الناس دون ذوي القرائح الأفراد التي يمكنها تفهم هذا وما فوقه بقوة النفس الناطقة فيهم فإن هؤلاء تسهل عليهم المشقة في العلم ويقرب لديهم ما يطول على غيرهم كتاب الحيوان كتاب العلم الإلهي مقالتان فرغ من تأليفه في ذي القعدة سنة خمس وخمسين وثلثمائة كتاب في الجدري والحصبة والحميقاء مقالتان كتاب في السرسام والبرسام ومداواتهما ثلاث مقالات صنفه لتلميذه محمد بن ثواب الموصلي أملاه عليه إملاء من لفظه وكتبه عنه بخطه وذكر تاريخ الإملاء والكتابة في رجب سنة خمس وخمسين وثلثمائة كتاب في القولنج وأصنافه ومداواته والأدوية النافعة منه مقالتان كتاب في البرص والبهق ومداواتهما مقالتان كتاب في الصرع وكتاب آخر في الصرع كتاب في الاستسقاء كتاب في ظهور الدم مقالتان كتاب الماليخوليا كتاب تركيب الأدوية مقالة في النوم واليقظة كتبها إلى أحمد بن الحسين بن زيد بن فضالة البلدي بحسب سؤاله على لسان عزور بن الطيب اليهودي البلدي كتاب الغادي والمغتذي مقالتان فرغ من تأليفه بقلعة برقى من أرمينية في صفر سنة ثمان وأربعين وثلثمائة كتاب أمراض المعدة ومداواتها شرح كتاب الفرق لجالينوس مقالتان فرغ منه في رجب سنة اثنتين وأربعين وثلثمائة شرح كتاب الحميات لجالينوس.
هو أبو عبد اللّه بن ثواب بن محمد ويعرف بابن الثلاج من أهل الموصل فاضل في صناعة الطب خبير بالعلم والعمل وشيخه في صناعة الطب أحمد بن أبي الأشعث لازمه واشتغل عليه وتميز وكتب بخطه كتباً كثيرة.
هو الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيى من مدينة بلد وكان خبيراً بصناعة الطب حسن العلاج والمداواة وكان من أجل تلامذة أحمد بن أبي الأشعث لازمه مدة سنين واشتغل عليه وتميز ولأحمد بن محمد البلدي من الكتب كتاب تدبير الحبالى والأطفال والصبيان وحفظ صحتهم ومداواة الأمراض العارضة لهم صنفه للوزير أبي الفرج يعقوب بن يوسف المعروف بابن كلس وزير العزيز باللّه في الديار المصرية.
كان طبيباً مشهوراً في زمانه وله دراية بصناعة الطب ومقامه بالموصل وكان يهودياً وأسلم وعمل مقالة في الرد على اليهود ولابن قوسين من الكتب مقالة في الرد على اليهود.
|